غزة العصِيَّة
غزةْ العَصيَّةْ على الهوانِ تحيَّةً
يا قمَّةً شمَّاءَ ترنو للسماءِ وتأملُ
في اللهِ نصَّارِ العِبادِ يُجِيرها
وكلَّ الطغاةِ الظالمينَ يُذِلّهم ويزلزلُ
غزَّاهُ ما هذا الدمارُ أُخيَّتي
وهذا الحِصارُ ينوءُ منه الكاهِلُ
أسرابُهم حجبتْ وجهَ السماءِ كثافةً
حِمَمٌ صبُّوا على الجسدِ النحيلِ فأشعلواْ
دكُّوا المرافقَ والمساكنَ كلَّها
لم ينجُ جِسرٌ في القطاعِ ومنزلُ
قتلوا الشبيبةَ والصغارَ تشفِّياُ
ومضوا بأجسادِ الشبيبةِ مثــَّلواْ
قصفوا الملاجئَ والبيوتَ بخِسَّةٍ
وهَوت عند الهجومِ مدارسٌ ومعامِلُ
حتى المساجدُ والمشافي دُمِّرتْ
والمُسعِفاتُ تحوَِلت لهباً فليس فيهِمْ عاقِلُ
طًلَعاتُهم تَتْرى كأن أزيزها
رعدٌ دنا أو تدلَّت نوازِلُ
ساديَّةٌ بزَّتْ فِعالَ الظالمينَ بعصرِنا
وشنيعَ ما إرتكبَ الطُغاةُ الأوائلُ
كانوا وحوشاً للدماءِ تعطَّشتْ
خرقوا المبادئَ والمساعِيَ أفشلواْ
قلبوا بمَكْرِهِمِ الحقائقَ جُملةً
فكأنَ فتيتَنا ذئابٌ والغاصبينَ أيائلُ
وأراد قيصرُهُم حجبَ الجريمةْ كعهده
فأدانَ قصفاً وجَّهتهُ الفصائلُ
لكنَّ الشواهد والمشاهد أفصحتْ
وحصادُ جُرمِهِمِ حديثٌ وماثلُ
وأصدرت هيئةُ الدنيا بياناً غامضاً
كم من الظُلمِ والقهرِ جاء يحملُ؟
فكيفَ نعذُرُ مصَّاصَ الدماءِ تهيُّباًً
ونشجُبُ ذاكَ الذي منهُ ينهلُ؟!
نِعمَ الصمودُ صمودُ غزَّةَ أذهلتْ
ونِعمَ الشبابُ شبابُ غزَّةَ ناضلوا
فبالرغم من قِدَمِ السلاحِ ونقصِهِ
وقفوا بعزمٍ حينَ هاج الجَحْفَلُ
خاضوا النِزالَ بإيمانٍ توطَّدَ فيهِمو
فرمى الإلهُ برميِهِمْ وهو الجزاءُ الأجزلُ
وغدتْ غُزيَّةُ رغمِ ضرباتِ العِدا
حسناءَ في ثوبِ الكرامةِ ترفُلُ
ما بالُ أُمَّتـكِ الكبيرةِ إنزوتْ
وأبناءُ يعرُبَ خاصموا حتى الهُتافَ وعلَّلواْ
قدحوكِ يا بنتَ الكرامِ بغِلظةٍ
ورموكِ زوراً بالتطرُّفِ والغُلُوْ
قالوا تمرَّدت الفتاةُ على القبيلِة كلِّها
وهل التمسكُ بالمبادئ والثوابتِ باطلُ؟
والقفزُ فوقَ حقائقِ التاريخِ ودرسِهِ
ورهنُ القضيَّةِ والخِداعُ فضائلُ؟!
أَمَن يقبضُ الجمرَ الرهيبَ مناضلٌ
أَمْ الذي خلفَ السرابِ مُهرولُ؟!
أرادوكِ يا أُختاه أن تستسلمي
فقد فرضوا حصاراً قاسياً وتكالبواْ
كلُّ المعابرِ والمنافذِ أُُغلِقتْ
فعزَّ الدواءُ وشحَّ رطبٌ وسائلُ
وفوق آلامِ الحصارِ وجُورهِ
أتاكِ أُخيَّتي جِدارٌ عازِلُ!!
لكنَّهم مهما تمادوا في العداءِ وحاصروا
لابدَ منتصرٌ حقَّاً بَنوكِ البواسلُ
فشُدِّي على الجرحِ الأليمِ وقاومي
فالصبرُ حبلٌ إلى الله واصِلُ
دمتِ يا قلعةَ الشرفِ الرفيعِ عَصيَّةً
ودامت لأبطالِ القطاعِ قناديلٌ ومِشعَلُ
.........................................
ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :