بِنت جِبيلْ
تضاءلت الجبالُ أمام قامتِها المديدة
وتحطَّمت الجيوشُ خلف أسوار القلعةْ
أُسدٌ ضَواري هُمْ بَنوها تَقدَّموا
دَحَروا جيوشَ البَغْيِ فإرتدَّت فَزِعةْ
حِمَماً صبُّوا على الأرتالِ حين دُنُوِّها
واختصوا بالرجمِ ميركافا(1)الدُرَّةْ
تقطَّعتْ إِرَباً برميةِ الحقِّ ما صَمدتْ
وقِيلَ من قبل لن تهتز لها شَعْرةْ!
وحاملاتُ الجُندِ كالكِبريتِ اشتعلت
طابَ الشِواءُ لنسرٍ وذئبٍ وسائرِ الأَكَلَةْ
وهنا الأباتشِي(2) يهوِي .. طائرُ الشُؤمِ
بِئسَ المصيرُ لصائدِ الأطفالِ في غَزَّةْ
وحينما إندحروا للرأسِ(1) ثار بُركاناً
ففَّروا من الزحفِ كالجُرذانِ منتشِرةْ!
و عيترونُ(2) أختُ الجِهادِ تضامنت
ألقتْ بوابِلِها فتساقطَ القَتَلةْ
نِعمَ البناتُ رسمنَ خيرَ مُثلث (7)
للرُعْبِ هم سمُّوهُ إثرَ تجاربٍ مُرَّةْ!
وفى الحِجيرِ(3) تلظَّى آلُ صُهيونَ
تحوَّلَ الوادي جَحيماً فإكتوى السَفَلَةْ
وفى الشِياحِ وعَيتا الشعبِ (4) كمْ نُكِبوا
زُلْزِلوا في عِبيسي(5) وذاقوا الويلَ في طيبَةْ(6)
وفي كُلِّ ناحيةٍ كانتْ تداهِمُهُم
كتائبُ النصرِ كَرَّاً فنِعمَ البيعُ للفِتيَةْ
خَسِئت فُلولُ البغيِ شُلَّت أياديهُمْ
هل أفلحَ الخنزيرُ يوماً أو أحسنت قِرَدَةْ؟
خذلناكِ يا أمَّ الملاحِمِ حينَ قُلنا
مُغامرةً أرادتْ ولم تأبَهْ لأُمَّةْ!
يقيني ما مُغامرةً قصدتِ
نشدتِ رفعَ الظلمِ عنَّا وصونَ عِزَّةْ
نكصنا عن مُواجهةِ العدوِ .. أَيْ وربِّي
نبذنا الحربَ صار مُجرَّدُ التفكيرِ جُنحَةْ!
وما مِن ضيقِ ذاتِ اليدِ نشكو
أو مِن عِتادٍ مُهتَريءٍ ونقصِ عِدَّةْ
فجيوشُنا تسِدُّ قُرصَ الشمسِ كُلاً
وسلاحُنا منهُ المخازنُ استغاثت منذُ مُدَّةْ
ولكنْ رغمَ الذبحِ في قانا والسلخِ في غزَّةْ
لم نخسرْ من المَخزونِ طلقةْ!
لأنَّ الرعبَ قد سكنَ القلوبَ
وفوق الرعبِ صارَ العشقُ للكرسيِ عُقْدَةْ!
(الموتُ في الكرسيِ ولا منازلة العدوِ)
بئس الشعارُ أضاعنا .. عَصَفَتْ بهَيبةْ!
ثم الهروبُ إلى متاهاتِ (السلامِِ)
أَضَعنا بالتهاوُنِ في المتاهاتِ القضيَّةْ!
بنت جبيل يا ومضةَ الأملِ الجميلِ لأُمَّةٍ
تردَّتْ في دُجى التخذيلِ وأُبتُلِيتْ بفُرقَةْ
يا بَلسماً داوَى الجِراحَ ومُزنَةً
كست النفوسَ القاحلاتِ نَداً وخُضرةْ
بنتَ الكِرامِ رَدَدتِ الروحَ فينا بعد تِيهٍ
بعد ضَرْبٍ في الفيافي أساً وحُرقةْ
اليومَ أشرعَ التاريخُ بابَهُ لكِ في إنبهارٍ
فأْدخُلي التاريخَ تصحَبُكِ المَهابةُ والتَجِِلَّةْ
فالناسُ في كافةِ الأنحاءِ نَشْوى
تُغنِّي للصمودِ .. للشجاعةِ والبُطولةْ
ثم أعتلي العرشَ المُنيفَ بكُلِّ حُبٍّ
عرشٌ تربَّعَ في القلوبِ عُقودَ عِدَّةْ
رعاكِ اللهُ جوهرةَ الجنوبِ
أسدَى خُطاكِ إلى العُلا وأبقاكِ قُدوةْ
..............................
(1) ميركافا: الدبابة الإسرائيلية الشهيرة.
(2) أباتشي:المروحية الأمريكية القتالية الشهيرة.
(6:1) بلدات في جنوب لبنان شهدت معارك ضارية في حرب 2006م
(7) إشارة رمزية للبلدات الثلاث التي شكلت ما عرف بمثلث الرعب في حرب 2006م
..............................
ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :