تواضُعُ المُلوكْ
ذُهِلتُ وكادَ يطيرُ مني العقلُ
لما قرأتُ حقائقَ تعكِسُ واقعاً مُرَّا
فالضجةُ الكُبرى ظلَّت تُلاحِقُنا
صباحَ مساءَ عبرَ وسائلٍ شتَّى
عن ثورةٍ عِلميَّةٍ نفجِّرُها
لبناءِ جيلٍ يكونُ للعُلا جِسرا
عن إستراتيجيةٍ قوميةٍ رُسِمتْ
لدعم وُحدتِنا حِيالَ قضيَّتِنا الأولى
عن ثرواتِنا.. مواردِنا نوظَّفُها
لحاضرٍ رغدٍ ومستقبلٍ أزهى
عن التكامُلِ .. ذاكَ الحُلم نجعلُهُ
سِلاحاً لأُمَّتـِنا وطريقاً لنهضةٍ كُبرى
عن طَيِ الحُدودِ فهذا عصرُ عولمةٍ
فيه تكتَّلت أممٌ أضحت قُواً عُظمى
عن ديمقراطيةٍ حرَّة نُرسي قواعِدَها
ليحكم الشعبُ و بأكسيرها يحيى
أكلنا كلاماً رائعَ الطهيِ والعرضِ
ولُكْنا أناشيدَ ظلَّت عبرَ إعلامِنا تَـتْـرى
حتى صحوتُ مذهولاً على خبرٍ
ومن يعيِشُ زمانَنا يرى عَجَبا
فإجمالي الناتجِِ القومي لإسبانيا
يفوقُ مثيلَهُ لبلادِنا جَمْعا!
وتخصِّصُ إسرائيلْ لأبحاثها في العامْ
أضعافَ ما ننفِقهُ في الأبحاثِ أعواما!
سوادُ أمَّتـِنا دونَ خطِّ الفقرْ
ودخلُ واحدِنا في اليومِ دولارٌ إذا أبلى!
فأين تذهبُ الثَرَواتُ وا عجبي
ومن يستطعْ لسؤالٍ هكذا طَرْحا؟!
تسعينَ سهماً من الثَرَواتِ يملُكُهُ
عُشرُ سهمٍ من السكانِ أو آدني!
ويبذلُ العُشرُ كلَّ الجهدِ والمالِ
كي يبتلعْ بقيَّةَ أسهمٍ عشرةْ!
أما الحدودُ فمُذْ خرجت قِوى البغيِ
إستحكمتْ صارت بينَ شُعوبِنا سدَّا!
إجتيازُها صعبٌ لذي القُربى
ولسادةِ الدنيا مفتوحةٌ ابدا!
بعد اللِهاثِ جميعاً نخطُبُ الوُدَّ
ماتَ التكاملُ .. ضاعت سوقُنا الكُبرى
كلُّ الكلامِ حلالٌ في (مجالِسِنا)
ما دمتَ لم تلفِظْ ب (لا) أو تعطِها أُذُنا!
قمعنا .. تميَّزنا في بثِ الرُعبِ والنَكَدِ
حتى صارت الأوطانُ كُلُّها سِجنا!
لنا التواضُعُ في التصميمِ والفِعلِ
أما الكلام فنحنُ ملوكُهُ حَصْرا!
.................................
ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :